رجلٌ شكَّ في زوجته؛ لشعوره بريبة في موقفٍ بينها وبين أختها وزوجة أخيها، واستنتج – رجمًا بالغيب - أنهنَّ في علاقة غير شرعية مع شخص أو أكثر، يعلمها والد زوجته وعمها، وهو في حيرة من أمره، ويسأل: ما النصيحة؟
♦ التفاصيل:
أنا متزوج منذ عامين، وزوجتي تبدو لي امرأة ملتزمة؛ حيث أراها تصلي وتصوم، وقد ظهرت لي بمظهر المتدينة حتى الآن، لكن منذ سنة بدأت تُظهِر تغيُّراتٍ في معاملتها لي؛ إذ أصبحت تعصيني في الفراش، وفي عدة أمور زوجية أخرى، كما أنها ترفض الاستماع لكلامي، وترفع صوتها عليَّ، صبرتُ على هذا الوضع حتى يومنا هذا.
ثم إن أخاها قد تُوفِّي، وسافرنا لتقديم التعازي، وخلال الطريق، لاحظت شيئًا غريبًا في السيارة؛ إذ كانت زوجتي تجلس مع أختها المتزوجة، وزوجة أخيها في المقعد الخلفي، ولم أستطِعْ تحديد طبيعة ما كُنَّ يَفْعَلْنَه، وعند وصولنا إلى بيت والدها - الذي يقع بجوار بيت أختها وزوجة أخيها - لاحظت أن زوجتي وأختها، وابن أختها الصغير، ووالدها، كانوا يتبادلون إشاراتٍ مُريبة؛ فاستنتجتُ من هذه التصرفات أن زوجتي وأختها وزوجة أخيها قد يكُنَّ في علاقة غير شرعية مع شخص أو عدة أشخاص، والله أعلم بحقيقة الأمر، كما اكتشفت أن عمَّها يساعدهن في هذا الأمر، وكذلك والدها نفسه، والآن أنا في حيرة شديدة من هذا الموقف، وأريد معرفة الحكم الشرعي في هذه القضية، وجزاكم الله خيرَ الجزاء على توجيهكم ونصحكم.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:
فنرحب بك أخانا الكريم، ونشكر لك ثقتك في موقع شبكة الألوكة، ونسأل الله أن نكون عند حسن الظن في تقديم ما يسرك، ويفيدك، وأن تجد بُغيتك، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يبعد عنك المشاكل، وأن يصلح حالنا وحالك، إنه سميع مجيب.
ذكرت أنك متزوج من سنتين، وتسكن مع والديك في بيت واحد، وذكرت أيضًا أن زوجتك ذات دين، تصلي وتصوم، وأنها تغيرت عليك في السنة الأخيرة؛ سواء بهجرانها لك في الفراش، أو رفع الصوت، وعدم الاستماع لما تقول، وربطت هذا التغير بموقفٍ حدث أمام عينيك عند ذهابك إلى بيت أبيها بإشارات مريبة، أدَّت بك إلى الشكِّ بأن لديها علاقةً مع شخص أو عدة أشخاص، وهذا خطأ كبير، يجب الانتباه إليه؛ فالشكُّ بهذه الطريقة سيدمر حياتك، ويؤدي بك إلى أمور لا تُحمد عُقباها، وهذا من وسوسة الشيطان، فلا تأبَهْ لهذه الوساوس.
بالنسبة لما دار ويدور في حياتك الزوجية من مشاكل، فهذا الأمر يحدث في كثير من البيوت، وهو أمر طبيعي، وسُنَّة من سنن الحياة الزوجية، وهو من شأن هذه الحياة التي لا تخلو من كدَرٍ، أو تعب، فالحياة ليست خالية من المشاكل، لكن المشكلة هي كيفية التعامل من أجل الحلِّ، فمن الناس من يضخِّم المشكلة، ويظل يومه متوترًا لأجل مشكلة صغيرة، والصواب هو حصر المشكلة في إطارها الطبيعي، وتجنُّب المشاعر السلبية، وسوء الظن عند حصول مثل هذه الخلافات، ولا بد من استصحاب النوايا الطيبة.
وما حدث من زوجتك من رفع الصوت أو تغيُّر معاملتها، فهذا له مسبِّبات، وعندما تعالج السبب ستزول - بإذن الله – النتيجة، ولن تستمر على هذا، خاصةً إذا توفرت لديها سبل الراحة، والاطمئنان، والحب الصادق، والمعاملة الحسنة، فما حصل عارض سيزول بإذن الله.
وما ينبغي عليك فعله الآن:
أولًا: لا بد أن تفهم زوجتك، وأن تتحاور معها، حتى تشعر هي بالأمان، اسألها ما الذي يضايقها في البيت؟ ولماذا تغيرت؟ وابحث عن سبب المشكلة بينكما، هل وجودكم في البيت مع والديك له علاقة بالمشكلة؟ ودَعْ زوجتك تفرغ ما بداخلها، وتعطِك أسباب المشكلة؛ فهذه خطوة مهمة لفهم ما يدور حولك، فإنَّ كَبْتَ المشاعر يؤدي في يوم من الأيام إلى الانفجار، وتسوء حالة الزواج، ويؤدي إلى الطلاق لا سمح الله، أنت في البدايات، فلا بد من جلسة مصارحة بينكما، وتكون بهدوء، وخارج البيت، في وقت ومكان مناسبَين.
ثانيًا: لا تنفرد بالقرار وحدك، ولا بد من الحوار، والقِوامة في الحياة الزوجية ليس الهدف منها التحكم في الحياة، بل لا بد أن تقوم الحياة الزوجية على الحوار الهادف، وهذا من الرجولة، ولا تنقص من القوامة شيئًا.
ثالثًا: عليك بالصبر والاحتساب في كل أمور الحياة، وعدم التكلف؛ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((استوصوا بالنساء؛ فإن المرأة خُلقت من ضلع، وإن أعوجَ شيءٍ في الضلع أعلاه، إن ذهبتَ تُقيمه كسرته، وإن تركته لم يزَلْ أعوجَ))؛ [البخاري: 3331]، وقال تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19]؛ قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: "هي المرأة عندما يصبر عليها زوجها، فيرزقه الله تبارك وتعالى منها الولد الصالح".
رابعًا: عليك بالتغاضي والتغافل عن بعض الزَّلَّات، وعن بعض الهفوات، والأخطاء، وهذا من الذكاء؛ يقول صلى الله عليه وسلم: ((لا يفرَك مؤمنٌ مؤمنةً، إن كرِه منها خُلُقًا رضِيَ منها آخر))؛ [مسلم: 1469]، ومعنى يفرك: يُبغض؛ يقول أبو تمام في شعر الحكمة:
ليس الغبيُّ بسيد في قومه
لكن سيد قومه المتغابي
وقد قيل عن النساء: يغلِبن الكرام، ويغلبهن اللئام، ولا بد أن نعي مقولة: "تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل".
خامسًا: أكْثِرْ من ودِّها، والثناء عليها، أظهر لها حبك، وامتدح ما تقوم بفعله لك، سواء ما يخص الطبخ، أو الملبس، أو ما تقول، وكن قريبًا منها، وأعطِها من وقتك؛ فإن المرأة بطبيعتها تحب المدح والثناء، واجتهد في تحمُّل الأخطاء.
سادسًا: حاول تجديد حياتك الزوجية، بأسلوب جديد، وخاصةً في العلاقة الحميمة، والخروج بها في رحلات تبعدكم عن جوِّ المنزل، وحاول إهداء بعض الهدايا؛ فالهدية لها أثر كبير في النفس.
سابعًا: انظر إلى تاريخك الجميل مع زوجتك، وتذكر المواقف الجميلة، وتخيل الأشياء السعيدة بينكما، وابتعد عن المواقف السلبية، ولا تتذكرها أبدًا؛ لأنها ستجلب لك الألم والحسرة، وتبعد عنكم الأمل، وهي سبيل للشيطان، وإن كان لديك خوف وألم ويأس؛ فازرع بجانبهما الأمل، وانظر إلى الجوانب الإيجابية في زوجتك، وفي حياتك، وغلِّب الإيجابيات على السلبيات.
ثامنًا: أكْثِرْ من الدعاء، سَلِ الله دومًا أن يصرف عنكما الشيطان، فالله على كل شيء قدير، وقد أمر سبحانه بالدعاء، ووعد بالإجابة؛ فقال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، وقال أيضًا: ﴿ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]، فأكْثِرْ من الدعاء لنفسك ولزوجتك، والدعاء - بإذن الله - سيغير حالك إلى الأحسن.
تاسعًا: لا بد من البدء بالتغيير في حياتك، والعودة إلى طاعة الله سبحانه؛ حيث إن التغيير له أهمية كبيرة في حل مشاكلك، وهذه قاعدة مهمة؛ يقول الله سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، فعندما نطلب التغيير في الحياة لا بد أن نغير ما بأنفسنا، ونعيد بناء حياتنا على ما يُرضي الله سبحانه، وإذا علمنا أن ما أصابنا من أنفسنا، فيجب أن نبدأ في التغيير، والعودة إلى الله؛ يقول سبحانه: ﴿ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ﴾ [النساء: 79]، فكن قريبًا من الله، يكن معك، وثِق به سبحانه، ولا تمَلَّ طرقَ بابه، واللجوء إليه، وتجنَّب المعاصي، وتُب منها، واحرص على الصلاة، وأدائها في وقتها، وفي جماعة؛ يقول سبحانه: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].
لا تنسَ قراءةَ وِردٍ يوميٍّ من القرآن الكريم؛ فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اقرؤوا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطَلةُ))؛ [صحيح مسلم: 804]، والقرآن كله بركة، وإذا علمت أن كثيرًا من المشاكل التي تحيط بنا سببها البعدُ عن الله سبحانه وتعالى، فلا بد من القرب منه سبحانه أكثر، والزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أعظم أسباب زوال الهموم، وحافِظْ على أذكار اليوم والليلة؛ ليطمئن قلبك.
ختامًا: حيِّد تأثير المشكلة، واجعلها في إطارها الطبيعي، واحذر من تأثير الظنون الشيطانية، فالشيطان يُلقي الشبهات والأوهام والوساوس في القلب؛ يقول سبحانه: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فاطر: 6].
ونتمنى لك في شبكة الألوكة أن يُزيل الله ما أهمك، وأن يسعدك في حياتك، ويحفظ لك زوجتك، ونسأله سبحانه أن يهدينا وإياكم إلى طريق الصواب، ويقيكم كلَّ الشرور؛ إنه سميع مجيب.
(1)
أعضاء قالوا شكراً لـ قطة احلام على المشاركة المفيدة:
جزاك الله خيرا ونفع بك الأمة الإسلامية
بارك الله فيك وفي ميزان حسناتك
الله يعطيك الف العافية
على هذا الموضوع المميز
معلومات مفيدة جدا
ننتظر جديدك المميز
ودي وتقديري واحترامي واعجابي وتقيمي ونجومي
توقيع :همس الروح
اللهُمَّ سخر لإخواننا في فلسطين ملائكة السماء وجنود الأرض ومن عليها وأفتح لهم أبواب توفيقك ويسر أمرهم وقوي عزيمتهم ، ومد صبرهم ..
اللهُمَّ أكرمهم وأحفظهم واجعل لهم من كل ضيقٍ مخرجاً ..
اللهُمَّ أنصرهم على من عاداهم وأفتح لهم فتحًا مُبينًا وارحم شهدائهم ، اللهُمَّ أحفظ فلسطين وأهل فلسطين يَ من لا تضيع عندك الودائع